اقتصاديات النقل السككي


 

 

يُعد النقل بالسكك الحديدية إحدى الدعائم الأساسية للاقتصاد القومي، فهو الوسيلة الوحيدة بين وسائل النقل المختلفة القادرة على حمل العبء الأكبر لإلتزامات النقل سواء بالنسبة للبضائع أو الركاب بين المناطق كافة وبأقل التكاليف.

تُعد السكك الحديدية أكثر وسائط النقل البري ملاءمة للحجوم الكبيرة وللمسافات الطويلة ومن أهم عوامل دعم التكامل الاقتصادي والتجاري بين الدول، حيث تعمل على تهيئة البيئة المناسبة لمشروعات التنمية، وتقليل تكاليف نقل السلع والخدمات والخامات .

بفضل هذه الأهمية للنقل السككي، اعترفت الحكومات به من خلال الإشراف المباشر عليه، أو بالتحكم بعمليات تطوير هذا القطاع الهام وذلك لما يقدمه من خدمات اجتماعية واقتصادية مهمة، ومن أهم الدول الرائدة في مجال صناعة ومد خطوط السكك الحديدية ذات السرعات العالية والحمولات الثقيلة باستخدام التقنيات التكنولوجية (الصين، اليابان، فرنسا، والعديد من دول أوروبا الغربية بالإضافة إلى العديد من دول الاتحاد السوفيتي (السابق) وأميركا ....الخ.

 

 

 

تؤكد الدراسات والأبحاث الحديثة أن النقل بالسكك الحديدية من أهم وسائط النقل في العالم، فقد أسهم في الإرتقاء بالمجتمعات، من خلال المردود الاقتصادي الكبير الذي يقدمه على مستوى الدخل القومي والدخل السياحي في البلد الواحد.

وعلى سبيل المثال فقد نجحت الكثير من الدول المتقدمة في هذا المجال بتطوير صناعة النقل بالسكك الحديدية ، وجعلتها قادرة على المنافسة أمام قطاعات النقل الاخرى، فاليابان التي وفرّت القطارات ذوات السرعات الكبيرة، والتي تتمتع بالأسعار التنافسية ونجحت بها لذلك تم نقل التجربة إلى كل من ألمانيا، والسويد، وفرنسا، وإيطاليا، وبريطانيا، واسبانيا، لتبدأ دول أوروبا بتطوير نقل البضائع والسلع عن طريق السكك الحديدية فيما بينها، مما انعكس ايجابياً على تنمية وتطوير هذا القطاع الهام من قطاعات النقل، وأسهم في تحقيق نهضة تجارية خارجية وتحسين مستوى الدخل القومي لديها، وتصريف فائض الإنتاج، ودعم خطط التنمية، وحل مشكلات البطالة ....الخ.

ففي الاتحاد الأوروبي تُعد المجموعة الاقتصادية التي يطلق عليها (السوق الأوربية المشتركة) تكتلاً اقتصادياً دولياً مهماً، حيث أتاح هذا التكتل حرية تنقل رؤوس الأموال والعمالة والتكامل في اقتصاديات الدول الداخلة فيه، مما حقق زيادة في الانتاج ودعم الاستثمار، وبالتالي انعكس بشكل ايجابي على معيشة المواطن.

تمتلك دول أوروبا ربع أطوال السكك الحديدية في العالم بمسافة تقدر بـ/1300000/كم من مجمل الخطوط الحديدية في العالم وذلك دون تجزئة الحدود فيما بينها، وتتميز السكك الحديدية في أوروبا بأنها صغيرة من حيث الامتداد المساحي.

كما ساعدت السوق الأوربية المشتركة (الاتحاد الأوروبي) على إزالة الكثير من القيود التي كانت مفروضة قبل الحرب العالمية الثانية، تلك التي كانت تعوق سرعة السكك الحديدية بين دول غرب أوروبا فقد أزيلت القيود الجمركية ونظمت حركة النقل للبضائع والأفراد فيما بينها.

 

وازدهرت المواصلات السككية في أوروبا وتطورت خلال السنوات العشر الأخيرة، وأصبحت متميزة في النقل السياحي وذلك بفضل العوامل الأتية:

  1. انخفاض استهلاك الطاقة في نقل البضائع.
  2. سهولة مكننة وأتمتة عمليات النقل.
  3. الأخذ بالحسبان المحافظة على البيئة السليمة.

وذلك من خلال تطور التقنيات وتحوّل الخطوط الحديدية إلى الاعتماد على الكهرباء في الجزء الأكبر منها والتي تمتلك الكثافة العالية للنقل، كما عملت الدول الأوربية على وصل وربط السكك الحديدية بالمطارات السياحية في أغلب المدن الأوربية مثل (فرانكفورت، زيورخ، جنيف،...الخ)ومن المعلوم أن النقل بالسكك الحديدية أرخص أنواع النقل بما يمتاز به من مزايا كحمل كميات كبيرة من السلع والبضائع والمنتجات بأسعار قليلة مما يخفض تكلفة انتاج السلعة التصديرية لأقل مستوى ممكن، وتحرص الدول المتقدمة في مجال النقل السككي على إجراء الصيانة الدورية للخطوط الحديدية والعربات التي تسخدم في النقل كي تحافظ على المردود الاقتصادي الجيد في نقل البضائع والسلع والمسافرين في الأماكن التي تعمل ضمنها.

 

سياسات التسعير في النقل السككي

يمكن تحديد التسعير للنقل بالسكك الحديدية باتجاهين:  

الأول: يتمثل بتحديد أسعار نقل المسافرين، حيث تعتمد المسافة بين نقطة الانطلاق ونقطة الوصول الأساس الأول في التسعير.

الثاني: يتمثل بنقل البضائع الذي تؤثر فيه العديد من المشكلات حيث أنه يتطلب تصنيف السلع إلى مجموعات، وكل مجموعة لها سعر محدد، وكلما استجدت سلعة تطلب الأمر تصنيفها إلى مجموعة معينة وبالتالي هناك عدة عوامل تؤثر في تحديد سعر نقل البضائع وهي:

  1. قيمة البضاعة: تُعد قيمة البضاعة الأساس المعتمد لتقدير سعر شحنها، فكلما كانت البضاعة غالية الثمن زاد سعر شحنها والعكس صحيح، أي لأن العلاقة طردية بين قيمة البضاعة وأجرة شحنها بواسطة السكك الحديدية.
  2. حجم السلعة: كلما زادت المساحة أو الحيّز الذي تشغله البضاعة من الشحنة ،كلما زاد أجر الشحن المقرر .
  3. درجة تعرّض البضاعة للتلف: فالسلع القابلة للتلف تحتاج إلى عناية خاصة واهتمام عند عملية الشحن والتفريغ ، وعادة ما تخصص لها عربات خاصة (خضراوات، فواكه، منتجات ألبان ...الخ)، وبالتالي تتحمل تكاليف أكبر عند عملية شحنها.
  4. كمية البضائع المنقولة: فالشحنات الكبيرة من السلع تساعد على إعطاء منشآت السكك الحديدية مجالاً أكبر لاستغلال طاقتها _ الاستغلال الاقتصادي المطلوب مما يترتب علية تخفيض سعر نقلها.

 

وفي الختام فالنقل بواسطة السكك الحديدية يعد من أرخص أنواع النقل وبخاصة عند الدول والبلدان التي تمتلك أساطيل نقل وقطارات وسكك حديدية متطورة وذوات سرعات عالية تلبي حاجة السوق ومتصلة بمواقع الانتاج من أجل تصريف البضائع والتبادل التجاري ونقل الركاب والسياحة بين البلدان المرتبطة بها .

 

 

إعداد: مالك الخضري

-إجازة في الإعلام/ جامعة دمشق.

 

 

المراجع:

  1. الأستاذ طالب هاشم عباس (اقتصاديات النقل السككي في العراق) بغداد عام /1979/م
  2. مجلة السكك الحديدية – العدد/44/ تموز /1994/ الاتحاد العربي لسكك الحديدية حلب,
  3. د. الفاتح محمد عثمان /مجلة عالم الاقتصاد – الرياض.
  4. أ.د أحمد عبد المنصف محمود (اقتصاديات النقل البحري ) الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري.
  5. د.مصطفى يوسف كافي (اقتصاديات النقل السياحي).