الإشارات الضوئية ( تاريخها – مظاهرها – أنظمتها – عيوبها)


 

لمحة تاريخية:

تم وضع أول إشارة ضوئية في بريطانيا عام 1868، في شارع  ويستمنسرال بلندن، وكانت عبارة عن ذراعين مجهزين بضوءين؛ أحمر وأخضر من الغاز من أجل الاستعمال الليلي، ولكن سرعان ما حدث انفجار لهذه الإشارة توقف على أثره استعمال هذا النوع من الإشارات لمدة نصف قرن تقريباً.

وتم وضع إشارة ضوئية في /البيكادلي/ بلندن في عام 1918، وفي عام 1919 وضعت أول إشارة أوتوماتيكية في بريطانيا.

في عام 1925 تم وضع أول إشارة ضوئية في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي ذات ثلاثة أضواء وتعمل يدوياً.

ونتيجة للتطور الطبيعي لوسائل ضبط التقاطعات تم تطوير شكل الإشارات الضوئية من اليدوية إلى الأتوماتيكية، حيث تحدد أوقات الحركة والوقوف بالتتابع.

وفي بداية الثلاثينيات من القون العشرين بذلت الولايات المتحدة الأمريكية محاولات لربط أزمان الإشارات الضوئية بحركات المركبات، وطُورت هذه المحاولات في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا حتى تم التوصل إلى نظام مترابط ومرتبط بحركة المركبات في عام 1935م.

 

في سورية فلم تكن هناك إشارات ضوئية تضبط بواسطتها حركة المركبات حتى الأربعينيات من القرن العشرين، حيث وضعت إشارات تدار باليد، وهي عبارة عن ذراعين متصالبين كل واحد منهما بشكل متوازي مستطيلات، أوجه الأول من الزجاج الأخضر، وأوجه الثاني من الزجاج الأحمر، وبداخل كل منهما إضاءة كهربائية للاستعمال الليلي، يدار هذان الذراعان بوساطة مقبض من قبل شرطي المرور، وقد تم تركيب هذا النوع من الإشارات في مدينة دمشق، في أماكن عدة، أبرزها تقاطع شارع البرلمان مع شارع العابد، وتقاطع شارع الصالحية مع الشهداء، وتقاطع الصالحية مع عرنوس (ساحة 8 آذار حالياً) وتقاطع فكتوريا.

وفي عام 1936 بُدء بتركيب الإشارات الضوئية المعروفة اليوم، ومن ثم انتشرت في كافة المدن السورية بعد التزايد الكبير بأعداد السيارات فيها، وتم تطوير بعض الإشارات الضوئية في الشوارع متعددة التقاطعات في ثمانينيات القرن الماضي، لتعمل بنظام الضبط المترابط بما يسمى (الموجة الخضراء).

وقد ساعد وضع الإشارات الضوئية عند التقاطعات على تسهيل حركة المرور، ولكن ذلك لم يكن كافياً في التقاطعات التي يختلف حجم المرور بشكل ملحوظ في أزرعها المتقاطعة، لذلك بُرمجت بعض الإشارات بحيث تعدل من أطوال أزمان الحركة والوقوف عند التقاطعات خلال ساعات اليوم ضمن خطة معدة مسبقاً.

وقد أدت الإشارات الضوئية لبعض الطرق ذات التقاطعات المتعددة، والتي تعمل سوية بذات المدة الزمنية، إلى عرقلة السير وزيادة التأخر؛ لذا رُبطت أزمان هذه الإشارات مع بعض بحيث إذا سارت المركبات بسرعة محددة تستطيع أن تسير على طول الشارع دون الوقوف على الإشارات؛ بمعنى أنها كانت تعطي الأمر بالحركة على طول ذلك الشارع، وكان هذا الأمر يعد تقدماً كبيراً بالنسبة لهذا النوع من ضبط التقاطعات، أما في التقاطعات البعيدة فقد ظلت تتعامل بوساطة الإشارات ذات الوقت المحدد.

 

مظاهر الإشارات الضوئية:

إن تناوب الإشارات الضوئية في معظم بلدان العالم الحديث يكون على النحو الآتي: (أحمر، أحمر /أصفر (متداخل)، أخضر ، أصفر )، ويساوي الزمن الأصفر عادة من 2 – 5 ثوان،  والأحمر/أصفر بين ثانيتين إلى ثلاث ثوانٍ.

 

فترة التداخل الأخضر:

وهو الزمن المحسوب من نهاية الزمن الأخضر في الطور الأول للشارع وحتى بداية الزمن الأخضر فيها، حيث تأخذ السيارات حق المرور،  وتعد فترة 4 ثوان الحد الأدنى لهذه الفترة في الإشارات الضوئية الحديثة، كما أن فترة الضوء الأصفر للطور الأول، والأحمر /الأصفر في الطور الثاني يتداخل بمقدار ثانية واحدة، ومن الممكن إطالة التداخل الأخضر إلى خمس ثوان عندما تكون فترات الأصفر، والأحمر/ أصفر ظاهرة بشكل متداخل، وعندما تمدد فترة التداخل الأخضر إلى أكثر من خمس ثوان فإن فترة "حمراء" بين الأصفر، والأحمر /أصفر تكون متواجدة، هذا وفي الإشارات القديمة فإن فترة التداخل الأخضر كانت مساوية إلى 4 ثواني.

 

أنواع الإشارات الضوئية:

هناك نوعان أساسيان من أنواع الإشارات الضوئية وهما:

  1. الإشارة ذات الوقت المحدد، وهي مازالت مستخدمة في الولايات المتحدة ومعظم بلدان العالم.
  2. الإشارة المرتبطة بحركة المركبات.

وهناك نوع ثالث بين النوعين وهو النوع "شبه المرتبط بحركة المركبات"، ويستعمل هذا النوع للمكاشفات المثبتة في الشوارع الثانوية فقط.

 

الإشارات ذات الوقت المحدد:

في هذا النوع من الإشارات ، تكون فترة الضوء الأخضر محددة، ويكون زمن الدورة الكلية محدد بشكل مسبق، وضوابط هذا النوع من الإشارات بسيطة نسبياً وغير مكلفة مادياً، ولكنها غير مرنة وتتطلب مهارة أثناء وضعها في الأماكن وضبط الوقت، وهي ناجحة جداً في نظام الموجة الخضراء.

ويجهز هذا النوع من الإشارات بمفتاح يتيح لشرطي المرور تغيير زمن الدورة وفقاً لأوقات النهار المختلفة بغية تغطية أوضاع المرور المختلفة في اليوم الواحد.

 

الإشارات المرتبطة بحركة المركبات:

في هذا النوع يرتبط الزمن الأخضر في الدورة بالطلب على حركة المرور، ويستعمل لهذا الغرض كشافاتتوضع في جميع مسارات الحركة بالعادة.

وفي حال غياب السيارات من أي ذراع من أذرع التقاطع، فإن الضوء الأخضر يبقى في الذراع الثانية لوقت غير محدد (أي أن الضوء الأخضر يبقى على آخر ذراع كان فيه الضوء أخضر).

ويجهز هذا النوع من الإشارات بعدد من التجهيزات للحصول على الآتي:

فترة أصغرية للضوء الأخضر: وهي أقصر فترة زمنية تعطي حق المرور في أي طور من الأطوار، وهذه المدة كافية لتمر آخر مركبة موجودة بين المكشاف وخط الوقوف عبر التقاطع، وتتراوح مدتها الزمنية بين 8 – 15 ثانية، تبعاً لعدد السيارات المنتظرة في الرتل.

يسمح هذا النوع من التجهيزات بتغيير أسرع لحق المرور وهكذا فهو يقلل من زمن التأخير للمركبات ولاسيما في التقاطعات ذات ثلاثة أطوار أو أربعة.

فترة إضافية للضوء الأخضر: يمكن أن تمدد الفترة الزمنية للضوء الأخضر، إضافة للفترة الصغرى المعطاة، بواسطة المركبات التي تمر فوق المكشاف، فكلما مرت المركبة فوق المكشاف فإن فترة الضوء الأخضر تمدد بفترة تُدعى فترة التمديد للمركبة.

وهذا التمديد كان ثابتاً في الأنظمة القديمة، أما في الأنظمة الحديثة فإنه يرتبط بسرعة المركبة المقاسة بواسطة المكشاف، وهذا الزمن مختلف بحيث يتيح لكل مركبة السير لمسافة محددة مسبقاً ( بين 23 متراً إلى نحو 50 متراً ) حتى تستطيع المركبة تجاوز خط الوقوف بمسافة 3 إلى 6 أمتار .

وهذا النظام دقيق بشكل معقول من أجل سرعات بين 25كم/ سا إلى 50كم/ سا ولكنه خارج هذين الحدين يعطي اختلافاً في المسافات المحددة.

وتعتبر فترات التحديد الناجمة عن هذا النظام، فترات منفصلة وليست تراكمية، بمعنى أن الجهاز يبقى على آخر قيمة سجلها، ويعمل بموجبها عندما تكون الفترة بين مركبتين تعبران المكشاف أكبر من فترة التمديد المقررة بين مركبتين، وهنا حق المرور يحول إلى الوجه الثاني من التقاطع إذا كان ذلك مطلوباً ( وهذا ما يُدعى بالفجوة التي تغير حق المرور).

فترة أعظمية للضوء الأخضر تكون محددة مسبقاً: تعطى فترة أعظمية للضوء الأخضر، والتي بعد انقضائها يحق المرور لمركبات الوجه الآخر من التقاطع بغض النظر عن وضعية المركبات في الشارع المعني لمنع وقوف المركبات في الوجه الآخر من التقاطع إلى ما لانهاية بسبب وجود حركة مستمرة للمركبات في الوجه الأول من التقاطع.

وهذه الفترة الأعظمية للضوء الأخضر تكون للمركبات الواقفة بالرتل في الوجه الثاني من التقاطع، وتكون مدتها بين (8- 68 ثانية) وقد تُمدد ثانيتين إضافيتين في بعض المناطق المزدحمة.

وتعود الإشارة الضوئية إلى وضعيتها الأولى بعد انتهاء حركة المركبات في الوجه الثاني من التقاطع، أي إلى زمن أخضر مقداره /7/ ثواني. وهذا ما يجري في المناطق المزدحمة في المدن الكبيرة أثناء الذروة.

فترة أعظمية متغيرة:إن تجهيز الإشارات الضوئية بهذا النوع يتيح للفترة الأعظمية أن تتحدد أوتوماتيكياً أكثر من المدة المحددة مسبقاً إذا كان وسطي معدل غزارة المرور في نهاية القيمة الأعظمية يزيد على القيمة الحرجة المحددة سابقاً (لذراع أو أكثر من أزرع التقاطع حسب الطلب).

فترة أعظمية لتداخل الضوء الأخضر: إن فترة التداخل المعيارية للأخضر هي /4/ ثوان، ولكن عندما تدعو الحاجة إلى فترة لتنظيف التقاطع من المركبات من أجل أمان الحركة فإنه يمكن تجهيز الإشارة بفترة تداخل متغيرة بحيث تزداد هذه الفترة كلما دعت الحاجة لتنظيف التقاطع (إخلاء التقاطع من المركبات)، وتهمل عندما لا تدعو الحاجة لذلك.

 

القطع المبكر للحركة:

يكون القطع المبكر للحركة من أجل تسهيل حركة المرور المنعطف نحو اليسار من أحد الأذرع، وهنا يمكن إطفاء الضوء الأخضر في السيالة المعاكسة قبل بضع ثوان من السيالة المتقدمة.

إن فترة هذا القطع المبكر للحركة في إحدى أذرع التقاطع تعتمد على عدد السيارات المنعطفة، ويمكن أن ينظمها المكشاف الموضوع خصيصاً للحركة المنعطفة يساراً.

 

الابتداء المتأخر (إطالة الزمن من أجل حركة اليسار):

وهي طريقة بديلة عن الطريقة السابقة من أجل تسهيل حركة اليسار، ويتم ذلك بتأخير حركة سيالة المرور المعاكسة لبضع ثوان لإتاحة الوقت الكافي لتمرير سيالة المرور المنعطف يساراً في الجهة الأولى.

 

نظام الضبط المترابط:

يستخدم هذا النظام عندما يتواجد أكثر من تقاطعين قريبين من بعضهما نسبياً على طريق رئيسة واحدة، لأن توافر نوع من الربط بينهما في الحركة أمر ضروري بغية الإنقاص من التأخر للمركبات بسبب الوقوف المتكرر عند هذه التقاطعات.

والغاية من النظام المترابط هي إمرار الكمية العظمى من المرور بدون انقطاعات، والسماح للمشاة بالعبور عبر الطرق المتقاطعة بالقوت نفسه.

ولهذا النظام عدة أنواع هي:

النظام المتزامن: حيث تُظهر جميع الإشارات الضوئية على طول الشارع المدروس لون الإشارة نفسه للمرور، وفي الوقت نفسه إن هذا النوع يشجع على السرعة، حيث يحاول السائقون اجتياز أكبر عدد ممكن من التقاطعات قبل تغيير الإشارة.

النظام المتناوب: تظهر الإشارات بموجب هذا النظام وعلى طول طريق رئيسة لونية مختلفة، والهدف من ذلك تسيير المركبات بمجموعات خلال نصف الدورة الضوئية، وهذا النوع غير ملائم تماماً للشوارع بتقاطعات المسافات بينها ذات أطوال متغيرة بشكل ملحوظ.

نظام التقدم المرن: تكون الدورة الضوئية لكل التقاطعات نفسها، وتكون فترات الضوء الأخضر مرتبطة ببعضها زمنياً حسب السرعة المرغوبة لكل طريق.

النظام المقيس أو المفصل: ويكون مفصلاً على القياس لأحد المسالك، وفي هذا النوع من الأنظمة لا يوجد عادة ضابط رئيسي للحركة؛ لأن ذلك قد يقود إلى مردود ضبط أقل في التقاطعات الأساسية على طول المسلك، حيث يسمح لهذه التقاطعات الأساسية لتعمل كلياً كي تتحكم بحق المرور في التقاطعات المجاورة.

 

ضبط المرور في منطقة:

إن التطور الحديث لاستخدام الحاسوب في أنظمة المرور أصبح يعطي نظاماً لضبط المرور في منطقة كاملة، والغاية من استخدام طريقة الضبط هذه هو إنقاص التأخر وذلك عن طريق:

- فاعلية أكثر لنظام ربط الإشارات الضوئية، مع الأخذ بالحسبان وضعية المرور في أية لحظة.

- تحويل المرور إلى أي مكان من الطرق البديلة عندما تتوافر الإمكانات لاستيعاب السعات المطلوبة.

- تبديل حارات أو طرق الحركة ذات الاتجاه الواحد إذا دعت الحاجة لذلك .

 

فوائد الإشارات الضوئية وعيوبها:

عندما يكون وضع الإشارات الضوئية مبرراً، أو يكون تصميمها مناسباً، فإن العمل بها يحقق أهداف عدة منها:

- الإقلال من الحوادث التي لها نوعية معينة ولاسيما المتعامدة منها.

- تنظيم حركة المرور.

- إعطاء الاستمرارية لحركة مجموعة من المركبات تتحرك دفعة واحدة .

- إعطاء حق الحركة للمركبات المتقاطعة مع الشارع الرئيسي وللمشاة في المسالك الكثيفة الحركة.

- ضبط المرور بأقل التكاليف.

 

أما عيوب الإشارات الضوئية فهي:

إن وضع الإشارات الضوئية غير المبرر وذات التصميم الرديء يمكن أن يسبب:

- تأخر كبير في حركة المركبات.

- اتباع مسالك طرقية غير التي تقوم عليها الإشارة.

وبالتالي لابد من اختيار المكان المناسب لوضع الإشارات الضوئية، وانتقاء التجهيزات المناسبة لها، ويبنى ذلك على دراسة أحوال الطريق من قبل المختصين.

 

مبررات استخدام الإشارات الضوئية:

لا توجد معايير تبين الضرورة التي تبرر استعمال الإشارات الضوئية ، وإنما يناقش كل موقع على حدة واضعين في الحسبان ثلاثة أهداف يجب تحقيقها وهي:

- الإقلال من نقاط التصادم والتأخر.

- إنقاص الحوادث المروية.

- التوفير في وقت وجهد رجال المرور (الشرطة).

وفي الختام لابد لنا من القول إن نظام الإشارات المرورية ضروري ومعمول به في مختلف دول العالم من أجل تنظيم حركة السير والمرور والمحافظة على النظاموتحقيق عوامل السلامة المرورية.

 

​إعداد : مالك الخضري - مدير تحرير مجلة النقل الإلكترونية  ( إجازة في الإعلام )

 

المراجع :

- خالد محمد اسماعيل ، مصر – أسوان

- د.يحيى الخاير – جامعة دمشق