النقل متعدد الوسائط والخدمات اللوجستية في الدول النامية


إن تطور صناعة النقل من الناحية التكنولوجية وإنتاج وسائل نقل سريعة وكبيرة الحجم، كطائرات الجامبو والكونكورد، والسفن العملاقة لنقل البضائع الصلبة والسائلة والحاويات، أدى إلى سياسة التحالفات والاندماجات بين الخطوط العملاقة في القطاعين الجوي والبحري، مما استوجب ذلك التغيير في منظومة النقل الدولية، وأدى إلى تطوير مواصفات شبكات النقل (بري، بحري، جوي، سككي)، وأسهم في تطبيق ما يسمى (بعلم اللوجستيات وإدارة الموارد والعمل بمنظومة النقل متعدد الوسائط).

تتمتع الجمهورية العربية السورية بحركة نقل برية وبحرية وجوية وسككية نشطة، الأمر الذي يمكن الانتقال في كافة أرجاء القطر بسهولة ويسر، ذلك أن أسطول النقل البري يغطي كافة مناطق القطر ومدنه ومراكزه الرئيسية من خلال شبكة الطرق والحافلات الحديثة.

وفيما يخص النقل الجوي فقد تم إنشاء وتجهيز خمسة مطارات داخلية، لخدمة المدن التي تقع تلك المطارات فيها أو بالقرب منها، إضافة إلى الرحلات الخارجية من وإلى المطارات الدولية من خلال الرحلات التي تشغلها مؤسسة الطيران العربية السورية التي استمرت وقاومت الحصار والحظر الجائر الساري  خلال الأزمة الحالية التي يمر به القطر العربي السوري.

وكذلك الأمر بالنسبة للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية التي كانت قبل الأزمة الراهنة تخدم أغلب المدن السورية بشبكة حديدية بلغت أطوالها أكثر من /2700/ كم من خلال  تسيير رحلات على متن قطارات حديثة كانت تسير يومياً وتقوم بنقل المواد البترولية والبضائع والركاب.

أما النقل البحري فهناك مرفأي اللاذقية وطرطوس، اللذان يربطان سورية بمرافئ الدول المجاورة والكثير من مرافئ دول العالم، بشبكة من الخطوط البحرية المنتظمة للسفن، وقد قدمت هذه الشبكة المميزة من وسائل النقل خدمات جيدة عالية المستوى ولاسيما أثناء الأزمة الراهنة وأسهمت في إنجاح الخطط التي وضعتها وزارة النقل، كما ساهمت في تنشيط حركة التجارة وتلبية مختلف قطاعات النقل بدرجة لا بأس بها من الكفاءة والفاعلية.

ولكن بالرغم من النجاحات التي تحققت في قطاعات النقل المختلفة إلا أن الدور المتكامل لهذه القطاعات أو الوسائل لايزال ضعيفاً، وذلك بسبب عدم التنسيق أو وجود برامج تكاملية مشتركة.

ومن ذلك فقد وجب التنسيق بين خدمات النقل بمختلف أنواعه (بري، بحري، جوي، سككي) ليتولى النقل البري للبضائع الواصلة إلى المرافئ السورية - وبموجب وثيقة نقل واحدة - إيصالها إلى المقصد ، وكذلك الأمر بالنسبة للنقل السككي.

وبالرغم من أتمتة قطاع النقل البحري، وتعديل القانون التجاري السوري، والربط السككي مع الدول العربية المجاورة، وتطوير المنافذ الحدودية، والدخول في اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف، والتصديق على اتفاقيات دولية، إلا أن بعض الصعوبات ما تزال موجودة، كعدم استخدام الوسائل الالكترونية الحديثة بالشكل المناسب للتعامل مع أنواع النقل، إضافة إلى التعقيدات الجمركية والروتين أحياناً، والتي نتطلع إلى تجاوزها في القريب العاجل.

من هنا ولتحقيق التكامل بين وسائط النقل المختلفة لابد من القيام بإجراءات عدة منها:

اعتبار خدمات النقل شبكة متكاملة يكمل كل نشاط فيها الآخر.
وضع تصور دقيق ومتكامل للربط بين قطاعات النقل المختلفة وضبط مختلف جوانب التشغيل من أجل تحقيق الخدمة الجيدة ويكون ذلك بالتكامل في المعلومات.
تطوير نظام مشغلي الخدمات الذين يقومون بتأمين خدمات الإقامة والسكن والنقل والمواصلات والحجوزات اللازمة والاستقبال والتوزيع والإرشاد السياحي والمرافقين الشخصيين والتغذية والترفيه والزيارات السياحية ...الخ.
تخصيص صالات للركاب القادمين من الرحلات الجوية والبحرية وتهيئتها بكافة وسائل الراحة الممكنة.
تحسين خدمات النقل متعدد الوسائط، والخدمات اللوجستية من خلال الهياكل الأساسية والتكنولوجيا، فنقل البضائع المتنوعة بالحاويات هو العنصر الذي أدى إلى ظهور خدمات النقل المتعدد الوسائط والخدمات اللوجستية في المناطق المتقدمة، وهذه الشحنات تستلزم وجود هيكلي في المرافئ والسكك الحديدية والطرق المتطورة والأنظمة الملائمة وتوفير عناصر الأمن والسلامة وذلك من خلال وضع إطار قانوني جيد لتنظيم النقل متعدد الوسائط؛ لأن ضعف النظم القانونية يؤدي إلى تقليل القدرة التنافسية للصادرات.
تيسير التدابير من أجل تسهيل عملية النقل، لأن حركة البضائع تستلزم وقتاً كبيراً في عمليات الرقابة والتفتيش في المرافئ والمنافذ الحدودية، لذا لابد من وجود أجهزة متطورة للكشف السريع عن الحاويات من أجل تيسير هذا النوع من النقل.

أما بالنسبة للجوانب القانونية والإطار القانوني للنقل متعدد الوسائط فقد ظهرت العديد من القوانين الوطنية والإقليمية، لذا وجب العمل على وضع إطار قانوني لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ لأنها تحدث تغييراً جذرياً في أسلوب التجارة الدولية والنقل الدولي، وذلك أنها تستخدم تبادل وإبرام العقود وتتبع حركة البضائع أثناء المرور، ووجود إطار قانوني لأثر رسائل البيانات الالكترونية وصحتها يسهل استخدام وسائل الاتصال الالكترونية في التجارة الدولية. كما اتخذت خطوات ايجابية حول إزالة العقبات التي تعترض استخدام وسائل الاتصال الالكترونية في التجارة الدولية باعتماد الأونسيترال النموذجي للتجارة الالكترونية في عام /1996/ والقانون النموذجي المتعلق بالتوقيعات الالكترونية عام /2001/ وهذه القوانين النموذجية توفر قواعد ومبادئ جيدة لتكييف القوانين والأنظمة الوطنية وإقامة بيئة قانونية ملائمة للتجارة الالكترونية.
عملية النفاذ إلى الأسواق، فكلما ازداد عدد الخيارات في مجال الشحن ووسائطه المتاحة لدى مقدم الخدمات تحسنت قدرته على اختيار أفضل تركيبة لوجستية من الطرق، ونقاط التعقب، وعدد الرحلات، والسرعة، والأحجام، ووسائط النقل وأي تقييد يحد من خياراته، ومسألة النفاذ إلى الأسواق في مجال النقل متعدد الوسائط  غاية في الصعوبة لما يعانيه من قيود، وبالتالي فإن وكلاء الشحن يتطلعون إلى تخفيض القيود أو التخلص منها نهائياً، وإدراج عمليات النقل متعدد الوسائط في عملية تحرير التجارة.

 وهذه المجالات مترابطة وتواجه بلدان العالم النامي صعوبات في الوفاء بهذه الشروط أكثر من البلدان المتقدمة.


وللتغلب على هذه الصعوبات يجب اتخاذ الخطوات الآتية:

اتخاذ قرارات وإجراءات استثمارات كبيرة على الصعيد الوطني، وهذا ما تم تحقيقه في بعض جوانب النقل في سورية من خلال قوانين الاستثمار التي صدرت بهذا الشأن وتعديل قانون الجمارك والتجارة والقانون التجاري البحري
ضرورة التعاون والتنسيق بين الدول والتعاون التقني والاتفاقيات الدولية، وهو ما سعت إليه الجمهورية العربية السورية وتسعى إليه عن طريق عقد الاتفاقيات الثنائية مع الدول التي قطعت أشواطاً جيدة في صناعة النقل.
التنسيق بالنسبة للاستثمار في المرافئ والسكك الحديدية وغيرها من هياكل النقل الأساسية من خلال تنظيم أعمال المرافئ والهياكل الأساسية العامة من منافذ حدودية وشبكات طرق ودعم إرساء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الملائمة والأخذ بها.
دعوة جميع المشاركين في عمليات النقل وبإشراف وزارة النقل لعقد اجتماعات دورية في القطاعين العام والخاص لتنسيق العمل النقلي وتفعيل النقل متعدد الوسائط.
ضرورة وضع أسس المقارنة التي تساعد البلدان النامية في قياس التكاليف الفعلية للمخاطر المقترنة بالفساد والنهب أو انعدام السلامة على الطرق والتعاون التقني فيما يتعلق بالامتثال للاتفاقيات الدولية.
وضع أسس يتم من خلالها قياس أداء البلدان النامية من حيث تدابير التيسير فيما يتعلق بسرعة الرقابة والتفتيش المتصلين بالتجارة واستخدام التكنولوجيا المناسبة.
التعاون التقني وبناء القدرات لهما أهمية بالغة في تدعيم مقدمي خدمات النقل المحليين وينبغي تشجيع المشاريع المشتركة والتعاون بين معتمدي النقل الوطنيين والدوليين.

 

إعداد: مالك الخضري - إجازة في الإعلام / مدير تحرير مجلة النقل الإلكترونية

 

المراجع

النقل متعدد الوسائط في الوطن العربي: د. بسام مصطفى خالد
النقل والمواصلات: أ. ساطع محلي - دمشق
اقتصاديات النقل بالسيارات وتطبيقاتها في سورية: أنور علي علي - دمشق
الندوات والمحاضرات التي كانت تقام في وزارة النقل السورية بالتعاون مع الاسكوا خلال السنوات السابقة