افتتح الدكتور يعرب سليمان بدر وزير النقل ورشة العمل الخاصة بالنقل داخل المدن بالتعاون مع وزارة النقل الفرنسية ضمن سلسة من النشاطات تم وضع أسسها خلال الاجتماع المشترك بين الوزارتين حيث لفت د.بدرً إلى عمق التعاون الذي تم لإعداد هذه الورشة بشكل مشترك مشيراً إلى محاور التعاون القائمة بين الوزارتين في قضايا النقل المديني الحضري داخل المدن والهدف من خلاله صياغة إستراتيجية قابلة للتطبيق في سوريا لتطوير النقل الجماعي بشكل مستدام .والمحور الثاني على مستوى المحاور اللوجستية الكبرى لنقل البضائع عبر سوريا من أوروبا إلى الجنوب ومن البحر المتوسط إلى الشرق آملاً استكشاف العقبات التي تمنع انسيابية نقل البضائع والركاب وإزالتها للقيام بالدور المنشود من تعزيز موقع سوريا الجغرافي كبلد عبور بين الشمال والجنوب والشرق والغرب وتنفيذ الرؤية الإستراتيجية التي خطها الرئيس بشار الأسد للربط بين البحار الأربعة بالإضافة إلى التعاون في مجال السلامة المرورية ومحاولة إيجاد حلول لتخفيف حوادث المرور ونتائجها منوهاً إلى تحقيق انخفاض متتالي في الأعوام 2008 -2009 بمعدل 10 % في عدد وفيات حوادث المرور والمحور الرابع من محاور التعاون مرتبط بالدعم الفرنسي لإنشاء مركز وطني للبحوث والدراسات التطبيقية في قطاعات النقل المختلفة في سوريا .
وقدّم الدكتور بدر عرضاً مختصراً عن تطور النقل الجماعي في سوريا من القرن الثامن عشر إلى الوضع الحالي حيث كان هناك بدايات للنقل السككي الإقليمي من خلال استثمار الخط الذي يصل بيروت بدمشق في عام 1895 والمحطات التي وقعت على هذا الخط محطة الحجاز في قلب دمشق منوهاً إلى الجهود التي تبذلها المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي لإعادة تسيير هذا الخط ومعلناً تسيير أولى رحلاته من دمشق إلى الزبداني في 15 نيسان القادم .والخطوة التالية كانت عام 1907 بتشغيل خطوط الترامواي في دمشق وحلب ومن ثم استخدام السيارات التي تتسع لعدد من الركاب وفي التسعينيات من القرن الماضي انتشرت الميكروباصات الحديثة والسريعة التي تؤمن للمواطن السوري حسب ذوقه ورغبته وشكلت العماد الأساسي للنقل حتى بدايات القرن الحالي حيث حصلت تغيرات جذرية على منحيين أساسيين :
أولهما الإنفاق العام ففي عام 2008 أنفقت الحكومة 40 مليون دولار أميركي لتوريد 600 باص للنقل النظامي وزعت على المدن الأربعة " دمشق – حلب – حمص – اللاذقية " ونقلت 167 مليون راكب في العام 2009 وبالتزامن مع هذا الإنفاق الحكومي شهد العام 2008 جرأة القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال حيث تم الترخيص لهذه الشركات التي بلغ إجمالي استثمارها حوالي 38 مليون دولار أميركي قيمة الباصات والمكاتب والشركات وساحات الوقوف والتي وضعها القطاع الخاص في 15 شركة رخصت لتقدم 700 باص رديفة للقطاع العام على 22 خط في ثلاثة مدن " حلب والحسكة ودمشق.
وأكد الدكتور بدر أن عام 2008 شهد تحسيناً مهماً بالمقارنة مع التخديم الذي كان يتم من قبل الميكروباصات الصغيرة موضحاً المساوئ التي ظهرت من خلال التشغيل والتداخل والتشابك في الصلاحيات بين الشركات الأربع للنقل الداخلي وبين قانون الإدارة المحلية الذي يوكل قضية تنظيم النقل الداخلي إلى السلطات المحلية ومجالس المدن في المحافظات وعدم العدالة الاجتماعية لاعتماد نظامين للتعرفة النظام الأول نظام التعرفة المدعومة لباصات الشركات الحكومية للنقل الداخلي والتي قبلت الدولة على عاتقها الخسارة الناجمة عن تشغيل هذه الباصات مع الاحتفاظ بقيمة التعرفة المنخفضة حيث تدفع الدولة مليار ليرة سنوياً لدعم النقل الداخلي وبالمقابل القطاع الخاص تعرفته اكبر .
إضافة إلى ضعف الرقابة على أداء الشركات الخاصة للنقل الجماعي الداخلي وعدم امتلاكها لمقومات الاستدامة وبالتالي انهيار المنظومة بشكل أو بآخر .
وعن ملامح الرؤى المستقبلية المعتمدة على العناصر السابقة اقترح الدكتور بدر أن تجد كل مدينة مخطط هيكلي للنقل مبني على دراسات ينجم عنها إظهار شبكة خطوط الباصات اللازمة والمواقف المطلوبة وتحديد دقيق على كل خط من الخطوط لتواتر الباصات لكل الأوقات " الذروة – المساء – أيام العطل .." وأن نجد في كل مدينة مقومات وجود هذا المخطط التوجيهي للنقل في المدينة وهو مفقود حتى الآن في سوريا مع بذل المزيد من الجهود ضمن هذه الرؤية الإستراتيجية للنقل الجماعي لإعطاء الأولوية في سوريا للنقل الجماعي سواء من إحداث حارات خاصة للباصات و إعادة توزيع للأدوار في تنظيم وتخطيط النقل الداخلي بين الدور المركزي للوزارات النقل- والإدارة المحلية وللدور المحلي المتمثل بالسلطات الأقرب إلى الشعور بمشاكل المواطنين بالإضافة إلى السعي لظهور سلطة ناظمة تأخذ على عاتقها أعداد المخطط الهيكلي وإعطاء الأولوية للنقل الداخلي .وأكد الدكتور بدر على الصورة المستقبلية للاستثمار في مجال النقل الداخلي بجرد كل مدينة عدد من الخطوط تمثل حزمة واحدة تمتزج فيها خطوط ذات طلب عالي على النقل وريعية واضحة وملموسة بخطوط أقل كثافة من حيث الطلب ولكن لابد منها لربط أحياء المدينة ببعضها-لأننا " والكلام للسيد الوزير " لو تركنا للمستثمرين الخيار سيختارون الخطوط الرابحة مع عدم اعطاء الخطوط المستقبلية كخطوط منفصلةمبيناً ضرورة إيجاد نظام موحد لتعرفة واحدة على شبكة النقل ونظام موحد لقبض قيمة هذه التذكرة ضرورة الاهتمام بالتحضير لشبكات وأنماط النقل المستقبلية التي ستظهر الحاجة إليها مع نمو المدن كالترامواي والمترو وقطار الضواحي شبكة النقل الإقليمي السريع لافتا إلى عدم الغرق في تفاصيل الحلول الجزئية وإهمال الرؤية الإستراتيجية لتطوير أنماط نقل تسمح بالأخذ بعين الاعتبار العدد الأكبر من الركاب حيث لحظت شركة سيسترا الفرنسية والتي أنهت دراسة ميترو دمشق أن الخط سينقل 250 مليون راكب خلال السنة الأولى ،و360 مليون راكب خلال السنوات المتقدمة من تشغيل خط واحد للميترو في دمشق.
وعن الأهداف المتوخاة من الورشة أوضح الدكتور بدر أن الهدف الأساسي هو تدقيق واقعية وقابلية تنفيذ هذه الرؤية وتوافقها مع ماهو معمول به عندما يتم التصدي لقضايا النقل في المدن الأخرى في العالم وإكمال عناصر هذه الرؤية بالاستفادة من الخبرات للخبراء رفيعي المستوى المشاركين في الورشة مشيراً إلى ضرورة تقديم الورشة خارطة طريق لتطبيق الإجراءات التي ستؤدي إلى الوصول إلى هذه الرؤية خلال فترة زمنية تحدد بدقة خارطة الطريق التي ستشمل الدعم لإحداث الإصلاح التشريعي الذي لابد منه للتعامل مع قضايا النقل الداخلي في سوريا آملاً أن يتم صياغة قانون جديد لتنظيم النقل الداخلي في سوريا ولكن والحصول على العناصر الأساسية لمثل هذا الإصلاح التشريعي وان تقدم دليلاً للإطار التنظيمي اللازم لتحسين معالجة قضايا النقل الداخلي بالإضافة إلى الحصول على التدريب الضروري للعناصر البشرية التي تعمل في هذا المجال في المستويات المختلفة لتطبيق الإجراءات اللازمة للوصول لهذه الرؤية
بدوره السيد اليان معراوي مدير متابعة شؤون النقل داخل المدن أوضح الهدف من الورشة المناقشة والحوار بين كافة الجهات التي لها علاقة بالنقل الداخلي من خلال عرض الواقع الراهن لهذا القطاع من عدة زوايا هامة :
- المهام الاجتماعية والاقتصادية والبيئية
- التنظيم والتمويل في قطاع النقل
- أنظمة النقل والتنمية داخل المدن
- معايير الأداء
والاطلاع على تجارب بلدان أخرى بالمساعدة من وزارة النقل الفرنسية للوصول إلى رؤية مستقبلية واضحة أولية للنقل داخل المدن ووضع الخطوط الأولى لإعادة تنظيم الهيكلية للنقل داخل المدن .
من جانب آخر أشار ممثل وزارة النقل الفرنسية السيد برونييه إلى توقيع البروتوكول بين وزارتي النقل الفرنسية والسورية للتعاون في مجال النقل وتقوم السفارة الفرنسية بهذا التعاون لبناء إستراتيجية واضحة في ميدان النقل في سوريا .
أما السفير الفرنسي اريك شوفالييه فبيّن أن التفكير سوية بالمسائل الهامة جدا للنقل داخل المدن بوجود مسؤولي النقل في المحافظات والمدن وخبراء من فرنسا وسيؤدي إلى توجهات ورؤى مستقبلية عملية للنقل داخل المدن والذي يعتبر قضية هامة ومن الأولويات من جانب اقتصادي وإنساني في الوقت ذاته .
وستستمر الورشة لمدة يومين متتاليين سيقدم من خلالها عرض عن المهام الاجتماعية والاقتصادية والبيئة للنقل داخل المدن والتنظيم والتمويل في قطاع النقل وتنفيذ أنظمة النقل والتنمية داخل المدن إضافة إلى معايير الأداء .