ومضات من كتب النقل


 

في موضوع النقل بين الصناعة والخدمة، سنستعرض تعريفاً للصناعة بين تعاريف متعددة يمكن أن تشرح لنا ما هي الصناعة، وذلك للاطلاع على بعض أهداف قطاع النقل وهمومه ومشاكله المختلفة من جهة، ولكي يتعامل مشغلو النقل وإداراته مع النقل على أنه صناعة تحرص على التوازن بين الربح الاقتصادي البحت، وبين الربح غير الملموس (الجانب الاجتماعي)، وبين استمرارية منشآت النقل لتأمين الطلب المتزايد عليها، والمستوى المقبول أو العالي من الخدمة لجذب الزبائن (المستهلكين للمنتج) من جهة أخرى.

 

تعريف الصناعة:

الصناعة هي النشاط الإنساني الذي يسعى إلى إنتاج أو إحداث تعديل على الأشياء والمواد بهدف تحقيق غاية محدودة، بل أوسع من ذلك، حيث تشمل جميع الفنون والمهن والقدرات وتطبيقات العلوم المختلفة، إذ تدخل جميعها في مفهوم الصناعة. وبكلمة مختصرة هي فن الوجود الإنساني وتحسين نوعيته في ميادينه المختلفة والمتنوعة، أي هي صناعة الوجود الإنساني وترقيته.

كما تعد الصناعة ظاهرة اقتصادية واجتماعية وحضارية في كل بلد من بلدان العالم، وهي عملية معقدة تمتد جذورها إلى بنية المجتمع وتؤثر في تركيبه الحضاري والمادي بما يؤدي إلى تطوره اقتصادياً واجتماعياً وعمرانياً، وفي الوقت نفسه تتأثر الصناعة بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لذلك المجتمع، وإذا أريد للصناعة أن تسهم بفعالية في تطوير المجتمع ونموه، فإنه يفترض أن يتبنى خطة للتصنيع على أساس الاستغلال الأمثل والأكفأ للموارد والإمكانيات المتاحة في الدولة، فالنشاط الصناعي يؤمن إنتاج السلع والخدمات واستغلال الثروات المادية والبشرية لإشباع حاجات المجتمع ضمن مجالات الإنتاج والاستهلاك والتشغيل، ويعتبر قطاع الصناعة قطاعاً محركاً لخطط التنمية وخاصة في البلدان النامية.

 

تعريف المنشأة الصناعية:

تعرف المنشأة الصناعية بأنها الوحدة الاقتصادية التي تنتج سلعة أو مجموعة من السلع والخدمات، يتم إدارتها بواسطة مالك واحد وإدارة واحدة، وتقع ضمن منطقة جغرافية واحدة، كما أنها قد تمتد أحياناً إلى مساحة جغرافية أكبر في حالة وجود فروع وتمارس نشاطاً صناعياً في مجالات الصناعات الاستخراجية والتحويلية والكهرباء والمياه.

وللصناعة تصنيفات وأنواع متعددة فمنها (يدوية – آلية)، (ثقيلة - خفيفة)،  صناعات استخراجية، صناعات تحويلية، صناعات غير معدنية (إنشائية)...الخ، وإن جاز لي تصنيف آخر، فهناك صناعات ذات منتجات ملموسة، وهي معروفة بالنسبة للجميع، وصناعات ذات منتجات غير ملموسة (صناعة التبريد، صناعة الكهرباء، صناعة النقل، صناعة القرار، صناعة الدراما .....) تظهر منتجاتها في قطاعات أخرى وتنعكس على المجتمع عامة.

ووفق القوانين الاقتصادية فإن قيمة الإنتاج، هي قيمة السلع والخدمات المنتجة خلال العام نتيجة ممارسة المنشأة للنشاط الإنتاجي، وإجمالي قيمة الإنتاج، هو قيمة الإنتاج من النشاط الجاري+ إيرادات الخدمات المقدمة للغير+ الهامش التجاري. والاستهلاك الوسيط، هو عبارة عن قيمة مستلزمات الإنتاج السلعية والخدمية المستخدمة في الإنتاج .

مستلزمات الإنتاج السلعية: يقصد بها جميع أنواع المستلزمات التي تدخل في العملية الإنتاجية باعتبارها مدخلات وسيطة من مواد وسلع مادية، كالمواد الخام، والسلع نصف المصنعة، والطاقة الكهربائية، والمياه، والزيوت، ومواد التعبئة والتغليف.

مستلزمات الإنتاج الخدمية: يقصد بها المستلزمات غير المادية المحددة بالقيمة وتشمل كافة ما تتحمله المنشأة من نفقات لشراء الخدمات.

 

صناعة النقل

لقد اختلفت الآراء حول النقل وهل هو نشاط اقتصادي صناعي أم خدمي ؟

الواقع أن هذا الخلاف ينتج من الفهم الخاطئ لطبيعة النقل كصناعة لها سمات خاصة تختلف عن باقي الصناعات، وترتكز مفاهيم الذين ينظرون للنقل كخدمة على ثلاثة مفاهيم.

المفهوم الأول: أن تشغيل وسائل النقل لا يؤدي للتوصل لمنتج معين له شكل وخصائص ملموسة، لذلك وبهذا المفهوم يُعتبر النقل -وفق وجهة نظر هؤلاء– خدمة تقدم للمنتجات المنفعة المكانية والزمنية للمنقول.

ولكن الحقيقة أن النقل يولد طاقة تحميلية معينة هي (مكان لكل طن0 كم) في حال نقل البضائع و(مكان لراكب0كيلومتر) في حال نقل الركاب، وأن البضاعة أو الراكب هو العميل، و(الطاقة التحميلية) هم الزبائن الذين يستخدمون المنتج.

المفهوم الثاني: أن النقل ليس نشاطاً أساسياً بل نشاط فرعي يخدم النشاط الرئيسي للمشروع، أي أنه ليس مشروعاً بحد ذاته، والرد أنه وإن كان النقل نشاطاً فرعياً داخل المشروعات، إلا أنه لا ينفي وجود منشآت خاصة في النقل يكون نشاطها الأساسي هو النقل، مثله مثل صناعة الكهرباء، وشركات وأساطيل النقل (البرية والبحرية والجوية) ....  

المفهوم الثالث: أن النقل ليس نشاطاً اقتصادياً ولكنه نشاط خدمي لا يهدف للربح بشكل رئيسي، لكنه يهدف إلى خدمة المجتمع بتوفير احتياجاته الأساسية، إلا أنه من الملاحظ أن هناك كثير من المنشآت الاقتصادية الخاصة بالنقل، وقد أقيمت بهدف تحقيق الربح وتنتشر في جميع أنحاء الدولة, وهناك صناعات كثيرة كصناعة الكهرباء، أو تنقية المياه، ومع هذا فهناك ورشات صناعية خاسرة –كتلك التي في الجامعات- ولا تهدف إلى الربح بشكل مباشر ومع ذلك لا يمكن اعتبارها خدمية.

وهكذا يمكن أن نصل إلى أنه أياً كان مفهوم (الخدمة) فإن النقل في معظم الأحيان نشاط اقتصادي أساسي، وأنه صناعة كأي صناعة أخرى يجب أن يؤخذ بالحسبان عند إقامتها النواحي الاقتصادية في الإدارة، والعمل على رفع الكفاءة والإنتاجية للتشغيل، بالاستخدام الأمثل لعناصر الإنتاج لتحقيق أكبر عائد ممكن وذلك من خلال الآتي:

أولاً- خفض تكلفة تحصيل الإيراد.

ثانياً- إحكام الرقابة على تحصيل الإيراد بهدف التخلص من الإيراد الفاقد.

ثالثاً- التنسيق التام بين سياسات الإنتاج واحتياجات السوق كماً ونوعاً.

فالإنتاج الكمي أو النوعي، أو الإنتاج في الوقت غير المناسب يعني فقد المنتج، إذ أنه يستهلك فور إنتاجه سواءً استخدم أم لم يستخدم.   

 

المهندس : عماد سكر - ماجستير هندسة ميكانيك / وزارة النقل

المراجع:

  • بحث لنيل شهادة الماجستير، لعام2011- 2012 ، بعنوان: (دور المناطق الصناعية في تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة الأورو مغاربية دراسة مقارنة بين فرنسا والجزائر)، الطالب خبابة صهيب وإشراف الدكتور سعيدي يحي.
  • عشماوي " تنظيم وإدارة النقل "- القاهرة - دار المريخ 2005- مؤسس قسم إدارة الأعمال وعميد كلية التجارة، جامعة الأزهر الأسبق، المؤسس والرئيس الفخري للجمعية العلمية العربية للنقل.