كان القطار من أول وسائط النقل الآلية التي دخلت سورية في أواخر القرن التاسع عشر، مفتتحاً عصراً جديداً لقطاع النقل، فكان إنشاء السكك الحديدية في سورية عاملاً هاماً في تطوير الحياة الاقتصادية والاجتماعية فيه، وإن كانت الغاية الأولى من إنشائها من قبل شركات أوربية تحقق أهدافاً استراتيجية لتنفيذ خطط الدول الاستعمارية المتنافسة فيما بينها للسيطرة على المنطقة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.
وفيما يلي سنستعرض الخطوط الحديدية الأولى التي تم إنشاؤها في سورية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وهي:
(خط دمشق - مزيريب): تم إنجازه عام 1893 وبوشر باستثماره في أواسط عام 1894 وقد بلغ طوله /103/ كم والميل الأعظم فيه لا يتجاوز الاثنين في المائة وهو من الخطوط الضيقة بعرض متر وخمسة سنتيمترات.
(خط دمشق - بيروت): يبلغ طول خط دمشق – بيروت 147 كم ويحتوي على أربعة أنفاق وهو يقطع جبال لبنان بواسطة الخطوط المسننة على مسافة 34 كم وكان قطار الركاب يقطع المسافة بين بيروت ودمشق في تسع ساعات، أما قطار الشحن فيقطعها في إحدى عشرة ساعة، في حين أن القوافل كانت تجتاز هذه المسافة في ثلاثة عشرة ساعة، وقد جرى افتتاح هذا الخط في 3 آب 1895.
(خط دمشق – حلب) عن طريق رياق: تم إنشاء هذا الخط على مرحلتين، الأولى : بين رياق – حماة وبلغ طولها /189/ كم وجرى افتتاح هذه المرحلة بتاريخ 7 /حزيران/1903، أما الثانية: فهي بين حماة – حلب وبلغ طولها /143/كم، وجرى استثمار هذا الخط بين حماة وحلب عام 1906. وقد بلغ عرض هذا الخط (1.44) متراً وميله الأعظمي اثنان في المائة. وقد كانت معظم المواقف من رياق إلى حلب عسكرية.
(خط حمص – طرابلس): جرى افتتاح هذا الخط في 19 أيار 1911 م، وكانت مواقفه الهامة هي: حمص – تلكلخ – طرابلس، وبلغ طوله 102 كم وعرضه (1.44) متراً وميله الأعظمي اثنان بالمائة، وكان رأسماله فرنسياً، وكان المواطنون هم الذين يتحملون أعباء نفقات مد الخطوط الحديدية، وأعباء الأرباح الطائلة التي فرض الرأسمال الأجنبي على الدولة العثمانية جبايتها له عن طريق الضمانات الكيلومترية المرتفعة كثيراً، وقد اقتلعت قضبان هذا الخط أثناء الحرب العالمية الأولى واستعملت في تمديد خط بغداد – نصيبين، وخربت كثير من المحطات وبعض الجسور خلال هذه الحرب وقد أعيد الخط إلى ما كان عليه سنه 1921، وبلغت تكاليف إعادته (21) مليون فرنك.
الخط الحجازي دمشق – المدينة المنورة: كان المسلمون يلاقون صعوبات ومشقات وأخطار في ذهابهم وإيابهم إلى الأرض المقدسة لأداء فريضة الحج, فكان يستغرق سفر الحاج الشامي لأداء الفريضة أربعة أشهر كاملة، فمد خط حديدي إلى الديار المقدسة.
إنشاء الخط الحديدي الحجازي: شرع بإنشاء الخط الحديدي الحجازي في شهر أيلول 1900 وابتدأ العمل من مزيريب، وبعد أن قررت الحكومة العثمانية مد الخط من دمشق إلى المدينة باشرت بالعمل من دمشق ومزيريب دفعة واحدة، وقد جرى افتتاح القسم الأول (دمشق– درعا) في أيلول 1903، وبعد ذلك بشهر افتتح قسم درعا – عمان وبلغت المسافة بين دمشق وعمان /223/ كم، وتتابعت الافتتاحات حتى وصل أول قطار إلى المدينة المنورة في 22 آب 1908 وجرى الافتتاح رسمياً في أول شهر أيلول 1908 المصادف لعيد الجلوس السلطاني.
( خط حيفا – درعا ) قرر السلطان عبد الحميد وصل الخط الحجازي بمرفأ حيفا رأى من الضروري استرجاع هذا الامتياز وذلك في تشرين الثاني سنة 1902، وقد كلف هذا الخط من سبعة إلى ثمانية أضعاف المعدل الوسطي لنفقات الخط الحجازي ويبلغ طوله /168/كم.
بدء استخدام الترام في سورية:
في مدينة دمشق تم الاتفاق عام 1889م بين وزير الأشغال العامة (النافعة) في الدولة العثمانية، وبين يوسف مطران على إنشاء خطوط الترام في مدينة دمشق، تتفرع من مركز المدينة وتتجه نحو باب مصر (بوابة الله) في نهاية حي الميدان، وإلى جامع محي الدين بن عربي في حي الصالحية وإلى الباب الشرقي ومسجد الأقصاب، ومن الباب الشرقي إلى دوما.
تأسست في 5/12/1904م شركة بلجيكية مساهمة باسم "الشركة العثمانية السلطانية للتنوير الكهربائي بدمشق" برأسمال قدره ستة ملايين فرنك قسمت على اثني عشر ألف سهم، وجعلت قيمة كل سهم خمسمائة فرنك لتنفيذ المشروع الذي تضمن إنشاء خطوط الترام وتنوير دمشق بالكهرباء. وفي مطلع الستينيات من القرن /20/ ألغيت خطوط الترام في مدينة دمشق واقتلعت سككها.
في مدينة حلب: في سنة 1924 عرض مشروع امتياز من شركة المشاريع الفرنسية وأهم الشروط في هذا الامتياز أن مدته 70 عاماً، وأن جميع الأراضي والمقالع اللازمة للمشروع تشتريها البلدية وتسلمها إلى الشركة مجاناً، وأن تقتسم الأرباح 30% للبلدية والباقي للشركة، وقد بدأت الشركة بالعمل أوائل سنة 1926، ومدت الشركة خطين للترام، الأول من الغرب إلى الشرق يبتدئ من محطة دمشق وينتهي بمحطة القصيلة، وطوله 5 كم تقريباً، أما الخط الثاني من الشمال إلى الجنوب ويبدأ من محلة الحميدية، وينتهي عند شارع خان الحرير، وطوله 3.5 كم تقريباً، وعرض هذين الخطين 1.05 م.
عن كتاب "تاريخ النقل في سورية" - دمشق 2006