لكل وسيلة نقل مجال معين تعطي فيه مستوى خدمة أعلى وتكلفة أقل، وبصفة عامة فإن كفاءة السيارة تكون أعلى للمسافات القصيرة (أقل من 200 كم تقريباً)، بينما تكون كفاءة القطار أعلى للمسافات المتوسطة، وتكون كفاءة الطائرة أعلى للمسافات الطويلة (أكثر من 1000 كم تقريباً)، والكفاءة الإنتاجية ترتبط بعنصرين هامين:
- تكلفة وسيلة النقل
- مستوى الخدمة التي تقدمها وسيلة النقل.
من ناحية التكاليف
إن منافسة السكك الحديدية لوسائل النقل الأخرى تتطلب إضافةً إلى عنصر السرعة وجود حجم مناسب من حركة النقل يمكّن من توزيع تكاليف النقل الثابتة –والمرتفعة نسبياً في حالة السكة الحديدية– على أكبر حجم من الوحدات المنقولة (طن/كم أو راكب/كم)، وتتأثر تكلفة وسيلة النقل المعينة بحجم الحركة كما يظهر من المثال البسيط الموضح في الجدولين الآتيين والذي تقارن فيه تكلفة تشغيل كل من القطارات والسيارات عند تزايد حجم الحركة من مليون راكب إلى 10 مليون راكب، مع افتراض أن التكاليف الثابتة هي 50% من إجمالي تكاليف التشغيل في الخطوط الحديدية بينما هي 10% فقط من إجمالي تكاليف السيارات.
الخطوط الحديدية
تكلفة الراكب |
تنقل مليون راكب وحدة نقدية |
تنقل 10 مليون راكب وحدة نقدية |
الثابتة 50% |
5 |
0.5 |
المتغيرة 50% |
5 |
5.0 |
إجمالي تكلفة الراكب |
10 |
5.5 |
الحافلات
تكلفة الراكب |
تنقل مليون راكب وحدة نقدية |
تنقل 10 مليون راكب وحدة نقدية |
الثابتة 10% |
1 |
0.1 |
المتغيرة 90% |
9 |
9.0 |
إجمالي تكلفة الراكب |
10 |
9.1 |
ومن الواضح أنه بينما تتماثل تكلفة الراكب على كل من السكة الحديدية والحافلات (10 وحدة نقدية) عندما يكون حجم المنقول مليون راكب، فإننا نجد أن زيادة حجم الحركة إلى 10 مليون راكب سيؤدي إلى خفض تكلفة نقل الراكب على السكة الحديدية إلى 5,5 وحدة نقدية، نظراً لانخفاض نصيب الراكب من التكاليف الثابتة والتي توزع إلى 10 مليون راكب بدلاً من مليون فقط، أما في حالة الحافلات فرغم تخفيض تكلفة نقل الراكب نتيجة لتوزيع التكاليف الثابتة على 10 مليون راكب بدلاً من مليون إلا أننا نجد أن خفض تكلفة نقل الراكب في الحافلة – مع تزايد حجم الحركة – كان أقل منه نسبياً في حالة السكك الحديدية (9,1 وحدة نقدية للحافلة مقابل 5,5 وحدة نقدية للسكك الحديدية)، وكما هو واضح فإن ذلك يرجع إلى انخفاض نسبة التكاليف الثابتة إلى إجمالي التكاليف في حالة الحافلات بالمقارنة مع السكك الحديدية.
وهكذا فإن تزايد حجم الحركة يجعل الخطوط الحديدية في موقع أفضل بالنسبة لتكلفة وحدة المنقول، ومن البديهي خفض حجم الحركة –من مليون راكب إلى نصف مليون راكب– يضع الحافلات في موقع أفضل بالنسبة للخطوط الحديدية من ناحية تكاليف نقل الراكب، وهذا الأمر ينطبق على البضائع وبالتالي يمكن التعميم على كافة الوحدات المنقولة سواء ركاب أو بضائع.
من ناحية مستوى الخدمة
إن الخطوط الحديدية تتطلب حجماً مناسباً من الحركة لتتمكن من الوقوف في موقع المنافسة مع وسائط النقل الأخرى، وذلك نتيجة لضخامة حجم الوحدة الاقتصادية للنقل بالخطوط الحديدية، فعلى سبيل المثال فإن نقل 600 شخص يومياً من مدينة إلى أخرى بالخطوط الحديدية لا يتطلب أكثر من الطاقة التحميلية لقطار واحد، بينما نفس العدد يستوعب الطاقة التحميلية الكاملة لـ 10 حافلات من الحجم الكبير، ومن ثم تكون الخدمات المتاحة أمام الركاب إذا ما تم نقلهم بالخطوط الحديدية هي وحدة نقل واحدة كل يوم بينما يتاح أمامهم 10 وحدات نقل في حالة الحافلات كل يوم، وهو ما يعنى مستوى خدمة أعلى –نتيجة التواتر الأكبر– بالنسبة للحافلات في هذه الحالة.
ومن البديهي أن تشغيل 10 خدمات قطارات خطوط حديدية –مثل الحافلات– يعني تكلفة باهظة لأن معدل تحميل القطار سيكون 1/10 من طاقته التحميلية وباقي الطاقة التحميلية فاقدة لعدم وجود ركاب، ومن ثم فقد هذه الطاقة التحميلية وفقاً لقاعدة المنتج في صناعة النقل يستهلك فور إنتاجه سواء استخدم أم لم يستخدم وبالتالي تحمل الراكب تكلفة الإنتاج الفاقد.
معيار مستوى الخدمة
من الواضح أن هناك صعوبة بالغة في القياس الدقيق لمستوى الخدمة التي تقدمها وسائط النقل، نظراً لأن مستوى الخدمة يتأثر مباشرة بالظروف التي تعمل تحتها كل واحدة من الوحدات المتحركة لوسيلة النقل، إلا أنه يوجد معيار عام لتقييم مستوى خدمة وسيلة نقل تحت ظروف تشغيل معينة، ويأخذ بالاعتبار جميع العناصر المكونة لمستوى الخدمة تبعاً لأهميتها النسبية، وإذا أخذنا في الاعتبار الظروف الخاصة بالحالة المعينة، فتصبح معادلة قياس مستوى الخدمة كالتالي:
مستوى الخدمة = ( 1- ف + ب + ر+ تر ) × 100
ف : متوسط نصف الوقت بين كل خدمة والتي تليها.
ب : الوقت المطلوب لقطع المسافة بين المقصد والأصل.
ر : متوسط الزيادة في زمن الخدمة عن الوقت المقرر لعمل الرحلة بوسيلة نقل معينة.
تر: الفرق بين الوقت المقرر والوقت النموذجي اللازم لإتمام الرحلة بنفس المسار.
تح : الوقت النموذجي الذي يؤخذ لعمل الرحلة من المقصد إلى الأصل بوسيلة نقل نموذجية.
وإذا تمت الرحلة بواسطة وسيلتي نقل فإن (ف ، ب ، ر، تر) تحسب لكل من جزئي الرحلة.
وبصورة عامة فإن الخطوط الحديدية تعطي مستوى خدمة أعلى في حالة الحمولات الضخمة ولمسافات متوسطة ما بين نقطتين ثابتتين، والسيارة تمكن من النقل على دفعات صغيرة نسبياً ذات تقاطر سريع وتلائم المسافات القصيرة بالمقارنة مع وسائط النقل لأخرى.
ولعل ما يؤكد ذلك أن متوسط طول النقل بالسيارات قد ثبت عند رقم (240 ميل = 384 كم) وذلك رغم الاتجاه العام لزيادة متوسط المسافة التي تقطعها الحمولات المنقولة خلال ست سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية.
فمن الملاحظ بالنسبة للمسافات الأطول أن الخطوط الحديدية يمكن أن تنافس بقوة السيارات على أساس التكلفة، إذ أن الخطوط الحديدية توزع النسبة الكبيرة من تكاليفها الثابتة والخاصة بالمسار والإنشاءات المرتبطة به كذا تكلفة الشحن والتفريغ على عدد ضخم من الكيلومترات التي يقطعها المنقول وبالتالي تخفض من تكلفة نقلها للطن بالكيلومتر بالمقارنة مع النقل بالسيارات أو على الطرق كما يوضح الشكل الآتي:
وقد أثبتت الدراسات أن النقل بالخطوط الحديدية ذات السرعة العالية في أوروبا يتمتع بميزة نسبية عن أنماط النقل الأخرى (طائرات - سفن) عندما تكون المسافة المقطوعة 530 كم ومدة الرحلة أقل من ساعتين، في حين أن النقل الجوي يقدم خدمة غير قابلة للمنافسة عندما تطول المسافة المقطوعة لأكثر من 1000 كم و ما بين الـ 350 كم و 1000 كم يكون هناك منافسة شديدة بين النقل الجوي والنقل السككي بالقطارات ذات السرعة العالية، ويتم اقتسام الحركة بينهما آخذاً بالحسبان الوقت الذي تستغرقه الرحلة وتكاليفها ومستوى الخدمة المقدمة لكل منها.
وهكذا فإن كفاءة وسيلة النقل المعينة (مستوى الخدمة والتكلفة) في المجال المعين تحددها مسافة النقل والظروف المحيطة وطبيعة الحمولة، مما يجعل وسيلة نقل معينة أعلى كفاءة من أخرى في مجال معين وأقل كفاءة في مجال آخر، بما يحتم على أصحاب القرار التدخل لفرض تشغيل نوع معين من وسائل النقل وتحديد ظروف تشغيلها.
إعداد: م.إياس سليمان / مديرية الشؤون الفنية والبنى التحتية في وزارة النقل - مكتب المتابعة في المنطقة الساحلية
المراجع:
- محاضرات خبراء من الاتحاد الدولي لوسطاء الشحن FIATA – دورة إعداد مدربين – المعهد العالي للإدارة - دمشق 2009
- سعد الدين عشماوي - تنظيم وإدارة النقل – الأسس والمشكلات والحلول - الطبعة الخامسة- دار المريخ .