هو عبارة عن نظام ملاحة عبر الأقمار الصناعية، يقوم بتوفير المعلومات عن المواقع والوقت في جميع الأحوال الجوية في أي مكان على الأرض، أو بالقرب منها، ويرمز له (GPS)، حيث بدأت الحكومة الأمريكية بهذا المشروع في عام /1973/ للتغلب على قيود نظام الملاحة السابق، فعملت على دمج أفكار سابقة من ستينات القرن العشرين، واستخدمت من أجل ذلك /24/ قمراً صناعياً، وأصبح النظام يعمل بشكل كامل منذ عام /1995/ ومن ثم تم تحديثه إلى نظام (GPSIII).
هذا النظام الذي أصبح يستخدم في مجالات النقل بكافة فروعه، وذلك بفضل ما يتمتع به من قدرات دقيقة عن طريق خدمات مقدمة من سلسلة من الأقمار الصناعية التي تفي بالكثير من احتياجات مستخدمي النقل.
ففي مجال النقل الجوي:
يستخدم الطيارون هذا النظام لزيادة أمان وكفاءة الطيران بما يقدمه من قدرات فضائية دقيقة تفي بالكثير من احتياجات مستخدمي الطيران في العالم؛ لأنه يحدد الموضع مجسماً بأبعاده الثلاثة خلال مراحل الطيران من مرحلة الإقلاع إلى مرحلة الطيران في الجو وحتى منطقة الملاحة الأرضية لسطح مطار الهبوط.
فملاحة المجال تسمح للطائرة بأن تطير على الطرق التي يفضلها المستخدم من نقطة إلى أخرى دون أن تعتمد نقاط الطريق على المرافق الأرضية، حيث اتخذت إجراءات لتوسيع مجال استخدام نظام التموضع العالمي والخدمات المكملة في جميع مراحل الطيران.
والطرق الجوية الجديدة ذات الكفاءة العالية أصبحت ممكنة بفضل نظام التموضع العالمي وهي آخذة بالتوسع والازدياد لأنها تحقق وفورات هائلة في الأموال والوقت، حيث تتمكن الطائرات التي تطير فوق مناطق تتسم بتأثير البيانات كالمحيطات من التقليل من المسافات بينها في الجو، وهذا يعني السماح لمزيد من الطائرات بالطيران بأمان على طريق أكفأ وأقصر.
ويجري تحسين نظام التموضع العالمي وتحديثه باستمرار في الاستخدامات المدنية، وذلك عن طريق إضافة إشارتين جديدتين تكملان الخدمة المدنية الموجودة حالياً، والإشارة الأولى هي للاستخدام العام في التطبيقات الحرجة (غير المتعلقة بالأمان) أما الإشارة الثانية فهي محمية دولياً لأغراض الملاحة الجوية، وهذه الإشارة تجعل من نظام التموضع العالمي خدمة ملاحية أكثر انتشاراً وفعالية مما هي عليه الآن في الكثير من تطبيقات الملاحة.
كما توفر مزايا وفوائد تفوق القدرات المتاحة حالياً لخدمات النظام، حيث تفسح المجال أمام المزيد من استخدام المعدات الإلكترونية عن طريق الطائرات في مختلف أنحاء العالم، وذلك عبر استخدام معدات طيران إلكترونية ثنائية الذبذبة، والذبذبة الثنائية تعني أن الأخطاء التي تحدث بسبب اضطرابات الغلاف الأيوني الجوي يمكن خفضها بشكل كبير عن طريق الاستخدام الآني للإشارتين.
فالاعتماد على نظام التموضع العالمي في مجال الطيران يُعد الأساس لنظام إدارة حركة المرور الجوي، ومكوناً لكثير من خطط الطيران في العالم، فالدول التي اتجهت إلى هذا النظام لاحظت انخفاضاً جيداً في وقت الطيران وتكاليف التشغيل لكل من مستخدم المجال الجوي ومقدم الخدمات.
أما في مجال السكك الحديدية:
تستخدم أنظمة خطوط السكك الحديدية حول العالم النظام العالمي لتحديد المواقع للتـتبع المتزامن لحركة سير القاطرات، وعربات السكك الحديدية، وعربات صيانة القطارات، والمعدات المتمركزة بجانب الخطوط الحديدية، (ويُشار عادةً للنظام العالمي لتحديد المواقع بالحروف الأولى من اسمه باللغة الإنجليزية "جي بي إس"). إن استخدام أنظمة "جي بي إس" بالتضافر مع استخدام أجهزة الاستشعار وأجهزة الكمبيوتر وأنظمة الاتصالات الأخرى يؤدي إلى تحسين سلامة وأمان خطوط السكك الحديدية وفعالية عملياتها، كما تساعد تكنولوجيا هذه الأنظمة على تقليل الحوادث وحالات التأخير وتكاليف التشغيل، وتقوم في ذات الوقت بزيادة طاقة واستيعاب خطوط السكك الحديدية وإرضاء ركاب القطارات وفعالية التكاليف، ويمكِّن العاملين على تشغيل أنظمة السكك الحديدية من أتمتة عمليات مسح ومعاينة القضبان ورسم خرائط له، كما يسمح نظام الـ "جي بي إس" بأتمتة أنظمة التفتيش على القضبان، الأمر الذي يجعل عمليات التفتيش والكشف عن العيوب تتم بصورة أسرع كثيراً من عمليات التفتيش والكشف عن العيوب التي تقوم بها فرق العاملين، الأمر الذي يوفر الوقت والمال ويحسن من السلامة في ذات الوقت.
يحقق نظام الـ "جي بي إس" التزامن في توقيت أنظمة الاتصالات بين القطارات ونقل البيانات إلى أنظمة التحكم الإيجابي في القطارات، وإنجاز الاتصالات الصوتية فيما بين مهندسي القاطرات ومسؤولي إرسال الإرشادات والتوجيهات، وتمكين الاتصالات فيما بين القطارات ومحطات القطارات والموانئ والمطارات عبر وسائل الاتصالات المختلفة.
في مجال النقل البحري:
غيَّر "نظام التموضع العالمي" من الطريقة التي كان يسير بها العالم، وهذا يطبق بوجه خاص على العمليات البحرية التي تشمل عمليات البحث والإنقاذ، ويوفر النظام أسرع وأدق وسيلة للملاحة البحرية فيما يتعلق بقياس السرعة وتحديد المكان الذي تكون فيه السفينة، وهو الأمر الذي يوفر مستويات أعلى من السلامة والكفاءة للبحارة في سائر أرجاء العالم.
تكمن معلومات "نظام التموضع العالمي" في نظام معروفٍ باسم نقل "نظام التعرف الأتوماتيكي" (AIS). ويستخدم هذا النظام الذي أقرته "المنظمة البحرية الدولية" في ضبط حركة مرور السفن حول المعابر البحرية المزدحمة، وهذه الخدمة ليست فقط حيوية للملاحة، ولكنها تُستخدم بصورة متزايدة في تعزيز أمن الموانئ والمعابر المائية عن طريق تزويد الحكومات بوعي مواقفي أوسع للسفن التجارية وبحمولاتها.
ويستخدم هذا النظام نظاماً مرسلاً- مستجيباً يعمل على موجة "في-إتش-إف"VHF البحرية، وهو قادر على توصيل هذه السفينة بتلك وكذلك توصيل أي سفينة بالبر، وهو يبث معلوماتٍ تتصل بالتعرف على السفينة وموقعها الجغرافي، ونوعها بالإضافة إلى المعلومات التي تتعلق بحمولتها، كل هذا بصفة فورية وعلى أسس أتوماتيكية بصورة كاملة. ونظراً لأن موقف السفينة في "نظام التموضع العالمي" كامن في هذه الإشارات المبثوثة فإن كل المعلومات الأساسية حول تحركات السفينة ومحتوياتها يُمكن تحميلها بصورة أتوماتيكية في جداول إلكترونية، وقد تحسَّنت سلامة السفن التي تستخدم هذا النظام وزاد أمنها بصورة ملحوظة.
وأخيراً، في ظل عمليات التحديث التي تدخل على "نظام التموضع العالمي"، أصبح في وسع البحارة أن يتطلعوا إلى خدمة أفضل، وعلاوة على الخدمة المدنية الحالية التي يوفِّرها "نظام التموضع العالمي" فالولايات المتحدة ملتزمة باستحداث إشارتين مدنيَّتين إضافيتين، وسوف يعني الوصول إلى الإشارتين الجديدتين مزيداً من الدقة ومزيداً من التكامل لكل المستخدمين.
في الشوارع والطرق السريعة:
توفر إتاحة ودقة استخدام "نظام التموضع العالمي" (GPS) فعالياتٍ متزايدة وسلامة مرتفعة لوسائل النقل التي تستخدم الطرق السريعة وأنظمة النقل العام. وقد انخفضت المشاكل التي ترتبط بتحديد المسارات وإرسال وسائل النقل التجارية بصورة ملحوظة أو قضي عليها تماماً بمساعدة "نظام التموضع العالمي"، وهذا يصدق أيضاً على إدارة أنظمة النقل العام وأطقم صيانة الطرق ومعدات الطوارئ.
تقول التقديرات إن التأخيرات الناجمة عن الازدحام على الطرق السريعة والشوارع وشبكات العبور على نطاق العالم تؤدي إلى خسائر في الإنتاجية تقدر بمئات البلايين من الدولارات سنوياً، وتشمل آثار الازدحام السلبية الأخرى خسائر في الممتلكات وإصابة الأشخاص بجروح وزيادة تلوث الهواء والاستهلاك غير الكفء للوقود.
ويمكِّن "نظام التموضع العالمي" من تشغيل أنظمة تحديد موقع الشاحنة بصورة أتوماتيكية وأنظمة الملاحة المركَّبة داخل الشاحنة، مما يستخدم في سائر أرجاء العالم حالياً، وعن طريق تضافر تكنولوجيا "نظام التموضع العالمي" مع النظم التي تستطيع أن تعرض معلومات جغرافية أو مع النظم التي تستطيع أن تنقل أتوماتيكياً بيانات معينة للعرض على الشاشات أو الكمبيوتر، فإن بعداً جديداً يكون قد تحقق في مجال النقل السطحي.
يُعد "نظام التموضع العالمي" أيضاً عنصراً أساسياً في مستقبل نظم النقل، والإنذارات التي تطلب الغوث، والإخطار بالموقع، ورسم الخرائط إلكترونياً وأجهزة القيادة المركبة على متن المركبة بتعليماتها الذكية الناطقة/المسموعة (ITS)، وتضم "نظم النقل الذكية" نطاقاً واسعاً من المعلومات التي تستند إلى المواصلات والتكنولوجيا الإلكترونية، ويجري حالياً بحث في مجال النظم المتقدمة لمساعدة السائقين، والتي تشمل نظم الإنحراف عن الطريق وتجنب الاصطدام عند تغيير السائق للحارة التي يقود فيها سيارته أو شاحنته. وتحتاج هذه النظم إلى تقدير موقع السيارة أو الشاحنة بالنسبة للحارة وحافة الطريق بدرجة من الدقة لا تترك هامشاً للخطأ أكثر من عشرة سنتيمترات.
وفي ظل التحديث المستمر لـ "نظام التموضع العالمي"، فإن بوسع المرء أن يتوقع استحداث نظمٍ أكثر فعالية، حتى مما هو موجود حالياً، لمنع وقوع الاصطدام، والإنذارات التي تطلب الغوث، والإخطار بالموقع، ورسم الخرائط إلكترونياً وأجهزة القيادة المركبة على متن المركبة بتعليماتها الناطقة/المسموعة.
إعداد: مالك الخضري- إجازة في الإعلام / مجلة النقل الإلكترونية.
المراجع:
- صحيفة الغارديان البريطانية 19 أيار 2009.
- مكتب تنسيق تحديد مجال التموضع والملاحة والتوقيت التابع للحكومة الأمريكية.